مرحبا شباب
إن حياة الإنسان كصفحات الكتاب , وكل كتاب يعرف من عنوانه أو من فهرسته , أو قد لا يعرف إلا بعد الانتهاء من آخر سطر من سطوره , والحكيم من يؤجل حكمته حتى بيان ما قرأ .
أرجوكم .. أجلوا حكمتكم حتى الانتهاء من آخر سطر .
حياتي كتاب مفتوح, أبوح فيه بهمي وفرحي, ولا هم لي إلا كل ما يزعجني ويحزنني, ولا فرح لي إلا ما أتذكره من ذكريات سعيدة.
كان أحد أيام الإجازة الصيفية , أتذكر ما حصل بالتفصيل , عند شاطئ البحر , كم كان يوما جميلا , كم كانت إشراقه الشمس الذهبية وأشعتها تنعكس على كل ناحية من الشاطئ , كان منظر الأطفال يخطف الأنظار , كان ينبعث من مجموعاتهم لمسات البراءة , فالبعض منهم يجمع الأصداف , وبعضهم يلعبون برمال الشاطئ الذهبية , والبعض الآخر يركضون ويلعبون بالكرة , حينها كان الوقت يقارب الغروب , كنت جالسة بالقرب من البحر على حجارة الشاطئ , أتأمل منظر الغروب , وسط ذهولي , لمحت شيء وسط الأمواج المتلاطمة , هبت عاصفة فجأة وسط هدوء الأمواج , وكأن الأمواج تبتعد عن بعضها , تحركت مشاعري وزاد بي الفضول , أريد معرفة ما يحدث , لم أكن أعرف السباحة , جذبني صوت يرتفع شيئا فشيئا " النجدة ساعدوني " , أردت التضحية , فلم يطعني قلبي بأن أسمع النداء وأعجز عن المساعدة , وقفت وحركت رجلي , فدخلت البحر , شيئا فشيئا , حاولت تحريك يدي والتلويح بها , تمكنت بإرادتي السباحة حتى وصلت إلى مصدر الصوت .
كان طفلا صغيرا , جميل الوجه , أشبه بالقمر , مددت يدي له وحملته , وبدأت بالتراجع خطوة , خطوة , حتى وصلت إلى الشاطئ , كانت السماء حينها أقرب للسواد , بدأت بالضغط على صدره بعدما وضعته على فراش ناعم , فتح عينيه الجميلتين ونظر في وجهي , حيث كانت علامات الاستفهام واضحة على وجهه , بدأت بسرد ما جرى له , وكأنه حكاية وسر في نفس الوقت , بعدما قضيت معه قليلا من الوقت , اقترب مني شخص وناد بصوت خفيف : يا فتاة , التفت له وإذا به يبتسم , فقال : هل تعرفي هذا الطفل ؟
كنت مستغربة من سؤاله وأجبته : لا , فقال بابتسامة خفيفة : هذا ولدي ..
كم كانت هذه الكلمة تخفي العديد من المشاعر , حيث سردت له ما حدث هو الآخر , شكرني شكرا جزيلا , كم كانت كلماته مفرحة لي , أشعرني بعظمتي , بعث السعادة في قلبي , استلم ابنه وكان الوداع الأخير , عدت إلى مكان ما كانت عائلتي تجلس , وجمعنا أغراضنا وعدنا إلى المنزل , لم أستطع النوم في تلك الليلة , كانت البسمة ملتصقة بشفاهي ولم تفارقني , كان تفكيري يرجع ما ذهب , فقد كانت ذكرى جميلة ككل ذكرى .
فتمضي الأيام وتأتي بالجديد, فتطوي الماضي وترميه في زاوية النسيان, زاوية النسيان مليئة بالذكريات, الماضية, لا ابدي لها اهتماما, أنساها وأتشارك مع الأيام في طيها, فتنتهي..تنتهي تذهب ولا تعود, إلا هذه الذكرى السعيدة, كانت دوما ترافقني, أتذكرها في كل مكان, وخصوصا شاطئ البحر, أسردها لمن أشاهده, كم كان يوما مميزا في حياتي..
تحياتي ..
الخميس يناير 22, 2009 8:58 am
